مولده ونشاته
اسمه عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم القرشي،وكنيته ابو عبد الله،كانت امه سبيه تدعي سلمي بنت حرمله وقد بيعت في سوق عكاظ فاشتراها (الفلكه بن المغيره)ثم اشتراها منه(عبد الله بن جدعان)ثم صارت الي (العاص بن وائل السهمي)فولدت له ابنه عمرو ،وتزوجت امه ازواجا اخرين فكان لعمرو بن العاص اخوه من امه هم :عروه بن انانه العدوي،عقبه بن نافع بن عبد القيس
*تاريخه قبل اعتناقه الاسلام
كان من اكثر المناهضين لدعوه الرسول صلي الله عليه وسلم وكان من اكثر من قاموا بايذاء الصحابه ،ويذكر انه قاتل المسلمين مع المشركين في غزوتي احد والاحزاب وقد بذل قصاري جهده لاحراز النصر علي المسلمين دون جدوي
وراح الرسول يدعو عليه ويبتهل الي الله ان ينزل عليه عقاب شديد جزاء ما يقوم به،وبينما كان الرسول يدعو و يبتهل الي الله نزل عليه قول الله تعالي (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ مِنْ شيء أوْ يتوبَ عليهم أو يُعَذِّبهم فإنهم ظالمون )وفهم الرسول من الايه انها امر له بالكف عن الدعاء وترك الامر لله وحده ،وكان عمرو داهيه من دهاه العرب،وصاحب راي وفكر،وفارسا من الفرسان،ارسلته قريش الي الحبشه ليطلب من النجاشي تسليمه المسلمين الذين هاجروا الي الحبشه فرار من عذاب بني قريش ولكن النجاشي لم يستجب له ورده خائبا،ومن الغريب ان اقتناعه بالاسلام جاء علي يد النجاشي حيث اخبره بان محمد رسول الله وان الله ارسله بالهدي والرحمه ،وكان حديثه مع النجاشي هو طريق هدايته للاسلام حيث اعتنق بعدها الاسلام وهداه الله الي الطريق الصواب
*اسلامه
وقد اعتنق عمرو بن العاص الاسلام قبيل فتح مكه ،حيث ذهب كل من عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحه الي المدينه المنوره ليعلنا اسلامهما ،فلم يكد يراهما الرسول صلي الله عليه وسلم حتي قال لاصحابه(لقد رمتكم مكه بفلذات اكبادها)
وتقدم خالد بن الوليد فبايع الرسول صلي الله عليه وسلم،ثم قال عمرو (اني ابايع علي ان يغفر الله لي ما تقدم من ذنبي)
فاجابه الرسول قائلا(يا عمرو بايع فان الاسلام يجُبُّ ما كان قبله)،
ودخل الاسلام سنه ثمان للهجره بعد فشل قريش الزريع في غزوه الاحزاب ،فاستبشر المسلمون باسلامهم ،وقال عنه الرسول صلي الله عليه وسلم
(اسلم الناس وامن عمرو بن العاص)
وقد أسند إليه النبي صلى الله عليه وسلم القيادة فى معركة ذات السلاسل التى اشترك فيها جمع من الصحابة منهم أبو بكر الصديق و عمر بن الخطاب،ويذكر انه تولي قياده سريه هدم سواع صنم قبيله هذيل فادي واجبه وهدم الصنم،ويذكر له انه شهد غزوه فتح مكه وغزوه حنين وغزوه حصار الطائف،فابلي مع المسلمين في هذه الغزوات بلاء حسنا،ويذكر له انه نال شرف الصحبه وشرف الجهاد تحت لواء الرسول صلي الله عليه وسلم،ويذكر انه حظي بمناصب قياديه وسياسيه وادرايه لم يحظ بها غيره من الصحابه بالرغم من تاخره في الاسلام نسبيا فقد كان قائدا من قاده الرسول ومن سفرائه ومن عماله علي الصدقه
واحتفظ بمكانته خلال عصر الخلفاء الراشدين حيث قاد كثيرا من الفتوحات الإسلامية الكبرى.ففي عهد ابو بكر الصديق لعب دورا بارزا في حروب الرده
*فتح مصر
وخلال خلافه عمرو بن الخطاب ولاه قياده جيوش المسلمين في فلسطين والاردن بعد موت(يزيد بن ابي سفيان)
ثم اقترح علي الخليفه عمر بن الخطاب بفتح مصر
وقال له : " يا أمير المؤمنين ائذن لي أن أسير إلى مصر) وظل يحاول اقناعه حيث قال : إنك إن فتحتها عنوة كانت قوة للمسلمين وعونا لهم وهى أكثر الأرض أموالا وأعجزها من القتال والحرب " ،
فتخوف عمر بن الخطاب على المسلمين فلم يزل عمرو يعظم أمرها عند عمر حتي أذن له عمر بن الخطاب بالمسير إليها
وقال له : " سر وأنا مستخير الله فى سيرك وسيأتيك كتابي سريعا إن شاء الله فإن أدركك كتابي آمرك فيه بالانصراف عن مصر قبل أن تدخلها أو شيئا من أرضها فانصرف وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامض لوجهك واستعن بالله واستنصره " ،
فسار عمرو بن العاص إلى مصر على جيش قوامه أربعة آلاف مقاتل ودخل رفح بالعريش فى أوائل سنة 19 هـ / 640م قبل أن يصله خطاب عمر بن الخطاب حيث استولي عليها بسهولة بسبب خلوها من قوات الروم ثم تابع عمرو بن العاص زحفه من العريش إلى بلوز التى سماها العرب الفرما وهى مدينة تقع شرقي بورسعيد حاليا وسلك فى هذا الزحف الطريق الرملي البعيد عن الشاطئ وهو الطريق الذى سلكه منذ أقدم العصور كل وافد علي مصر أو جيش محارب لها إذ عبر من هذا الطريق نبي الله الخليل إبراهيم حين قصد مصر كما اجتازته جيوش الإسكندر كما سارت عليه العائلة المقدسة عند مجيئها إلى مصر .
وقد اتسمت حركات عمرو بن العاص بالسرعة فى التنقل ،حتي وصل إلى حصن بابليون معقل الروم الرئيسي بمصر الذى انتصر عليهم فى موقعة هليوبوليس أو عين شمس وعقد صلح بابليون ثم قدر الله بعد ذلك استكمال فتح مصر بدخوله إلى مدينة الإسكندرية بعد وفاة الإمبراطور هرقل سنة 20 هـ / 641م وعقد صلح عرف باسم صلح الإسكندرية ، ثم دخولها مرة أخرى والاستيلاء عليها سنة 646م وإنزاله بحامية الروم بها هزيمة فادحة ، وبذلك أصبحت مصر منذ ذلك الوقت دولة إسلامية ، وخاصة بعد أن أسس عمرو بن العاص أول مدينة عربية أو إسلامية بها هى مدينة الفسطاط وكانت تقع شمال حصن بابليون ثم أسس أول جامع بها عرف باسم جامع عمرو بن العاص وذلك سنة 21 هـ / 641م .
ولقد كان أول تقرير بعث به عمرو بن العاص إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصف فيه مصر وأهلها يحمل بين طياته حقيقة هامة وهى أن الفتح إسلامي لمصر وضع حدا للسيادة الرومانية ثم البيزنطية على مصر والتى اتسمت بالتشريعات الظالمه للمصريين وحرمانهم من ممارسة الاشتراك فى إدارة شئون بلادهم فضلا عن حركات الاضطهاد الديني الذى تميزت به هذه الفترة
*توليه ولايه مصر في عهد الخليفه عمر بن الخطاب
مما امتاز به عمرو بن العاص حُبّه للإمارة ، فشكله الخارجي ومشيته وحديثه كلها تدل على أنه خُلِق للإمارة ، حتى أن في أحد الأيام رآه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وهو مقبل فابتسم لِمَشْيَته
وقال ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميرا )
والحق أن عمرو لم يُبْخِس نفسه هذا الحق ، فمع كل الأحداث الخطرة التي اجتاحت المسلمين ، كان عمرو يتعامل معها بأسلوب أمير معه من الذكاء والدهاء ما يجعله واثقا بنفسه مُعْتَزا بتفوقه ، وقد أولاه عمر بن الخطاب ولاية فلسطين والأردن ، ثم على مصر طوال حياة أمير المؤمنين وبعد تمكنه من فتح مصر ولاه الخليفه عمر ولايه مصر وظل واليا عليها حتي وفاه الخليفه عمر بن الخطاب
*في عهد الخليفه عثمان بن عفان
وقد ولاه الخليفه عثمان بن عفان ولايه مصرلمده سنتان ثم عزله عنها وولي (عبد الله بن سعد العامري) وكان ذلك نقطه البدايه للخلافات التي كانت بين عمرو بن العاص وعثمان بن عفان وعاد بعدها عمرو الي المدينه المنوره
*دوره في فتنه معاويه وعلي
بعد ان قتل عثمان بن عفان سار عمرو بن العاص الي معاويه بن ابي سفيان وشهد معه معركه صفين،ولما اشتدت الحرب علي معاويه وكاد ان ينهزم اشار عليه عمرو بن العاص بطلب التحكيم ورفع المصاحف علي اسنه الرماح طلبا للهدنه،ولما رضي علي بن ابي طالب بالتحكيم،ارسل معاويه (عمرو بن العاص)
حكما عنه ،كما ارسل علي بن ابي طالب
( ابو موسي الاشعري )
حكما عنه ،واتفق الحكمان عمرو بن العاص وابو موسي الاشعري علي ان يخلعا كل من علي بن ابي طالب و معاويه بن ابي سفيان ويجعوا اختيار الخليفه شوري بين المسلمين وبذلك تنتهي الفرقه التي حدثت في العالم الاسلامي ،ففي اليوم التالي لاتفاقهم على تنحية علي ومعاوية وجعل الأمر شورى بين المسلمين ،دعا أبوموسى عمرا ليتحدث ويعلن للناس ما انتهت اليه المفاوضات،
فأبى عمرو قائلا :
( ما كنت لأتقدمك وأنت أكثر مني فضلا وأقدم هجرة وأكبر سنا )
وتقدم أبوموسى وقال يا أيها الناس ، انا قد نظرنا فيما يجمع الله به ألفة هذه الأمة ويصلح أمرها ، فلم نر شيئا أبلغ من خلع الرجلين - علي ومعاوية - وجعلها شورى يختار الناس لأنفسهم من يرونه لها ، واني قد خلعت عليا ومعاوية ، فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من أحببتم )
وجاء دور عمرو بن العاص ليعلن خلع معاوية كما تم الاتفاق عليه بالأمس ، فصعد المنبر وقال أيها الناس ، ان أبا موسى قد قال ما سمعتم ، وخلع صاحبه ، ألا واني قد خلعت صاحبه كما خلعه ، وأثْبِت صاحبي معاوية ، فانه ولي أمير المؤمنين عثمان والمطالب بدمه ، وأحق الناس بمقامه ، وبعد انتهاء التحكيم وتولي معاويه للخلافه طلب منه عمرو بن العاص ان يجعله واليا علي مصر وبالفعل ولاه معاويه ولايه مصر واعطاه خراجها لمده ست سنوات وظل واليا لها حتي مات بها
*وفاته
توفي في مصر وله من العمر ثلاث وستون سنه ودفن في جبل المقطم وكان ذلك ليلة الفطر سنة ثلاث وأربعين من الهجرة،وقبل وفاته راح يستعرض ما مر به طوال حياته فقال(كنت اول امري كافرا،وكنت اشد الناس علي رسول الله،فلو مت يومئذ لوجبت لي النار،ثم بايعت رسول الله،فما كان في الناس احد احب الي منه،ولا اجل في عيني منه،ولو سُئِلْتُ أن أنْعَتَه ما استطعت،لاني لم اكن اقدر ان املا عيني منه اجلالا له،فلو مت يومئذ لرجوت ان اكون من اهل الجنه،ثم بليت بعد ذلك بالسلطان وباشياء لا ادري اهي لي ام علي
واوصي عمرو بن العاص ابنه عبد الله قائلا
(يا بني اذا مت فاغسلني غسله بالماء،ثم جففني في ثوب،ثم اغسلني الثانيه بماء قراح،ثم جففني في ثوب،ثم اغسلني الثالثه بماء فيه شئ من كافور،ثم جففني في ثوب،ثم اذا البستني الثياب فازر علي فاني مخاصم،ثم اذا حملتني علي السرير فامش بي مشيا بين المشيتين وكن خلف الجنازه،فان مقدمتها للملائكه،وخلفها لبني ادم،فاذا وضعتني في القبر ،فسن عليا التراب سنا-اي اجعله مرتفعا مستطيلا علي وجه الارض_،ثم رفع بصره الي السماء في خشوع وتضرع مناجيا الله قائلا
(اللهم لا برئ فاعتذر،ولا عزيز فانتصر،والا تتركني رحمتك اكن من الهالكين)
،وظل علي تضرعه حتي وافته المنيه وكانت اخر كلماته(لا اله الا الله)
ـ ويذكر التاريخ لعمرو، أنه كان أحد ولاة النبي صلى الله عليه و سلم، وأبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، ومعاوية بن أبي سفيان، وأنه كان إداريًا لامعاً، من ألمع الإداريين المسلمين في أيامه، وحتى اليوم.
ويذكر له، أنه كان عالمًا في الدين الحنيف، محدِّثًا، فقيهًا، مجتهدًا، وكان من أصحاب الفُتيا من الصحابة، وكان قاضيًا متقنًا للقرآن الكريم.
ويُذكر له أنه كان كاتبًا بليغًا في نظمه ونثره، وله رسائل وأقوال مأثورة، وله شعر يدل على شاعريته المتميزة، ورصيده اللغوي الكبير.
ويذكر له، أنه كان خطيبًا مصقعًا، من ألمع خطباء الصحابة والتابعين من بعدهم، ومن أبلغ خطباء العرب في كل العصور.
ويذكر له، أنه من دُهاة العرب المعدودين، وشجعانهم، وكان من أفراد الدهر، دهاءً، وجلادة، وحزمًا، ورأيًا.
ويذكر له، أنه كان حكيمًا من الحكماء، له أقوال كثيرة في الحكمة، تجري مجرى الأمثال السائرة، ولا تزال بالغة الحكمة حتى اليوم، كأنها من أحاديث اليوم لا من أحاديث القرون.
ويذكر له، أنه كان ذا شخصية قوية نافذة، يحب الإمارة، غير مسرف، حليمًا، متواضعًا، منصفًا، معتزًا بكرامته، إداريًا، عادلاً، مؤمنًا لا غبار على إيمانه.
ويذكر له، أنه كان قائدًا عبقريًا، فهو من ذوي الطبع الموهوب، والعلم المكتسب، والتجربة العملية، وكانت صفات القيادة متجسّدة فيه، ويطبّق مبادئ الحرب في عملياته بكفاية واقتدار.
ويذكر له، أنه كان سفيرًا فذّا، استطاع أن يستقطب أهل عُمان، شعبًا ومَلِكًا، ويجعلهم يعتنقون الإسلام، وينتهون عن الشرك.
ويذكر التاريخ له، أنه كان يتحلى بكفايات عالية، أهلته لإحراز النجاح في السلم، والنصر في الحرب، وأبرزته على أقرانه في حياته، وعلى أمثاله بعد رحيله.
ويذكر له، أن هناك إجماعًا على تقدير أعماله مجاهدًا، واختلافًا على تقويم أعماله إنسانًا.
رضي الله عن الصاحبي الجليل، القائد الفاتح، الإداري الحازم، الفقيه المحدث، العالم المجتهد، الشاعر الناثر، الكاتب الخطيب، الحكيم ، السفير اللامع، عمرو بن العاص السَّهْمِيّ القُرَشي.
اسمه عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم القرشي،وكنيته ابو عبد الله،كانت امه سبيه تدعي سلمي بنت حرمله وقد بيعت في سوق عكاظ فاشتراها (الفلكه بن المغيره)ثم اشتراها منه(عبد الله بن جدعان)ثم صارت الي (العاص بن وائل السهمي)فولدت له ابنه عمرو ،وتزوجت امه ازواجا اخرين فكان لعمرو بن العاص اخوه من امه هم :عروه بن انانه العدوي،عقبه بن نافع بن عبد القيس
*تاريخه قبل اعتناقه الاسلام
كان من اكثر المناهضين لدعوه الرسول صلي الله عليه وسلم وكان من اكثر من قاموا بايذاء الصحابه ،ويذكر انه قاتل المسلمين مع المشركين في غزوتي احد والاحزاب وقد بذل قصاري جهده لاحراز النصر علي المسلمين دون جدوي
وراح الرسول يدعو عليه ويبتهل الي الله ان ينزل عليه عقاب شديد جزاء ما يقوم به،وبينما كان الرسول يدعو و يبتهل الي الله نزل عليه قول الله تعالي (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ مِنْ شيء أوْ يتوبَ عليهم أو يُعَذِّبهم فإنهم ظالمون )وفهم الرسول من الايه انها امر له بالكف عن الدعاء وترك الامر لله وحده ،وكان عمرو داهيه من دهاه العرب،وصاحب راي وفكر،وفارسا من الفرسان،ارسلته قريش الي الحبشه ليطلب من النجاشي تسليمه المسلمين الذين هاجروا الي الحبشه فرار من عذاب بني قريش ولكن النجاشي لم يستجب له ورده خائبا،ومن الغريب ان اقتناعه بالاسلام جاء علي يد النجاشي حيث اخبره بان محمد رسول الله وان الله ارسله بالهدي والرحمه ،وكان حديثه مع النجاشي هو طريق هدايته للاسلام حيث اعتنق بعدها الاسلام وهداه الله الي الطريق الصواب
*اسلامه
وقد اعتنق عمرو بن العاص الاسلام قبيل فتح مكه ،حيث ذهب كل من عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحه الي المدينه المنوره ليعلنا اسلامهما ،فلم يكد يراهما الرسول صلي الله عليه وسلم حتي قال لاصحابه(لقد رمتكم مكه بفلذات اكبادها)
وتقدم خالد بن الوليد فبايع الرسول صلي الله عليه وسلم،ثم قال عمرو (اني ابايع علي ان يغفر الله لي ما تقدم من ذنبي)
فاجابه الرسول قائلا(يا عمرو بايع فان الاسلام يجُبُّ ما كان قبله)،
ودخل الاسلام سنه ثمان للهجره بعد فشل قريش الزريع في غزوه الاحزاب ،فاستبشر المسلمون باسلامهم ،وقال عنه الرسول صلي الله عليه وسلم
(اسلم الناس وامن عمرو بن العاص)
وقد أسند إليه النبي صلى الله عليه وسلم القيادة فى معركة ذات السلاسل التى اشترك فيها جمع من الصحابة منهم أبو بكر الصديق و عمر بن الخطاب،ويذكر انه تولي قياده سريه هدم سواع صنم قبيله هذيل فادي واجبه وهدم الصنم،ويذكر له انه شهد غزوه فتح مكه وغزوه حنين وغزوه حصار الطائف،فابلي مع المسلمين في هذه الغزوات بلاء حسنا،ويذكر له انه نال شرف الصحبه وشرف الجهاد تحت لواء الرسول صلي الله عليه وسلم،ويذكر انه حظي بمناصب قياديه وسياسيه وادرايه لم يحظ بها غيره من الصحابه بالرغم من تاخره في الاسلام نسبيا فقد كان قائدا من قاده الرسول ومن سفرائه ومن عماله علي الصدقه
واحتفظ بمكانته خلال عصر الخلفاء الراشدين حيث قاد كثيرا من الفتوحات الإسلامية الكبرى.ففي عهد ابو بكر الصديق لعب دورا بارزا في حروب الرده
*فتح مصر
وخلال خلافه عمرو بن الخطاب ولاه قياده جيوش المسلمين في فلسطين والاردن بعد موت(يزيد بن ابي سفيان)
ثم اقترح علي الخليفه عمر بن الخطاب بفتح مصر
وقال له : " يا أمير المؤمنين ائذن لي أن أسير إلى مصر) وظل يحاول اقناعه حيث قال : إنك إن فتحتها عنوة كانت قوة للمسلمين وعونا لهم وهى أكثر الأرض أموالا وأعجزها من القتال والحرب " ،
فتخوف عمر بن الخطاب على المسلمين فلم يزل عمرو يعظم أمرها عند عمر حتي أذن له عمر بن الخطاب بالمسير إليها
وقال له : " سر وأنا مستخير الله فى سيرك وسيأتيك كتابي سريعا إن شاء الله فإن أدركك كتابي آمرك فيه بالانصراف عن مصر قبل أن تدخلها أو شيئا من أرضها فانصرف وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامض لوجهك واستعن بالله واستنصره " ،
فسار عمرو بن العاص إلى مصر على جيش قوامه أربعة آلاف مقاتل ودخل رفح بالعريش فى أوائل سنة 19 هـ / 640م قبل أن يصله خطاب عمر بن الخطاب حيث استولي عليها بسهولة بسبب خلوها من قوات الروم ثم تابع عمرو بن العاص زحفه من العريش إلى بلوز التى سماها العرب الفرما وهى مدينة تقع شرقي بورسعيد حاليا وسلك فى هذا الزحف الطريق الرملي البعيد عن الشاطئ وهو الطريق الذى سلكه منذ أقدم العصور كل وافد علي مصر أو جيش محارب لها إذ عبر من هذا الطريق نبي الله الخليل إبراهيم حين قصد مصر كما اجتازته جيوش الإسكندر كما سارت عليه العائلة المقدسة عند مجيئها إلى مصر .
وقد اتسمت حركات عمرو بن العاص بالسرعة فى التنقل ،حتي وصل إلى حصن بابليون معقل الروم الرئيسي بمصر الذى انتصر عليهم فى موقعة هليوبوليس أو عين شمس وعقد صلح بابليون ثم قدر الله بعد ذلك استكمال فتح مصر بدخوله إلى مدينة الإسكندرية بعد وفاة الإمبراطور هرقل سنة 20 هـ / 641م وعقد صلح عرف باسم صلح الإسكندرية ، ثم دخولها مرة أخرى والاستيلاء عليها سنة 646م وإنزاله بحامية الروم بها هزيمة فادحة ، وبذلك أصبحت مصر منذ ذلك الوقت دولة إسلامية ، وخاصة بعد أن أسس عمرو بن العاص أول مدينة عربية أو إسلامية بها هى مدينة الفسطاط وكانت تقع شمال حصن بابليون ثم أسس أول جامع بها عرف باسم جامع عمرو بن العاص وذلك سنة 21 هـ / 641م .
ولقد كان أول تقرير بعث به عمرو بن العاص إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يصف فيه مصر وأهلها يحمل بين طياته حقيقة هامة وهى أن الفتح إسلامي لمصر وضع حدا للسيادة الرومانية ثم البيزنطية على مصر والتى اتسمت بالتشريعات الظالمه للمصريين وحرمانهم من ممارسة الاشتراك فى إدارة شئون بلادهم فضلا عن حركات الاضطهاد الديني الذى تميزت به هذه الفترة
*توليه ولايه مصر في عهد الخليفه عمر بن الخطاب
مما امتاز به عمرو بن العاص حُبّه للإمارة ، فشكله الخارجي ومشيته وحديثه كلها تدل على أنه خُلِق للإمارة ، حتى أن في أحد الأيام رآه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وهو مقبل فابتسم لِمَشْيَته
وقال ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميرا )
والحق أن عمرو لم يُبْخِس نفسه هذا الحق ، فمع كل الأحداث الخطرة التي اجتاحت المسلمين ، كان عمرو يتعامل معها بأسلوب أمير معه من الذكاء والدهاء ما يجعله واثقا بنفسه مُعْتَزا بتفوقه ، وقد أولاه عمر بن الخطاب ولاية فلسطين والأردن ، ثم على مصر طوال حياة أمير المؤمنين وبعد تمكنه من فتح مصر ولاه الخليفه عمر ولايه مصر وظل واليا عليها حتي وفاه الخليفه عمر بن الخطاب
*في عهد الخليفه عثمان بن عفان
وقد ولاه الخليفه عثمان بن عفان ولايه مصرلمده سنتان ثم عزله عنها وولي (عبد الله بن سعد العامري) وكان ذلك نقطه البدايه للخلافات التي كانت بين عمرو بن العاص وعثمان بن عفان وعاد بعدها عمرو الي المدينه المنوره
*دوره في فتنه معاويه وعلي
بعد ان قتل عثمان بن عفان سار عمرو بن العاص الي معاويه بن ابي سفيان وشهد معه معركه صفين،ولما اشتدت الحرب علي معاويه وكاد ان ينهزم اشار عليه عمرو بن العاص بطلب التحكيم ورفع المصاحف علي اسنه الرماح طلبا للهدنه،ولما رضي علي بن ابي طالب بالتحكيم،ارسل معاويه (عمرو بن العاص)
حكما عنه ،كما ارسل علي بن ابي طالب
( ابو موسي الاشعري )
حكما عنه ،واتفق الحكمان عمرو بن العاص وابو موسي الاشعري علي ان يخلعا كل من علي بن ابي طالب و معاويه بن ابي سفيان ويجعوا اختيار الخليفه شوري بين المسلمين وبذلك تنتهي الفرقه التي حدثت في العالم الاسلامي ،ففي اليوم التالي لاتفاقهم على تنحية علي ومعاوية وجعل الأمر شورى بين المسلمين ،دعا أبوموسى عمرا ليتحدث ويعلن للناس ما انتهت اليه المفاوضات،
فأبى عمرو قائلا :
( ما كنت لأتقدمك وأنت أكثر مني فضلا وأقدم هجرة وأكبر سنا )
وتقدم أبوموسى وقال يا أيها الناس ، انا قد نظرنا فيما يجمع الله به ألفة هذه الأمة ويصلح أمرها ، فلم نر شيئا أبلغ من خلع الرجلين - علي ومعاوية - وجعلها شورى يختار الناس لأنفسهم من يرونه لها ، واني قد خلعت عليا ومعاوية ، فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من أحببتم )
وجاء دور عمرو بن العاص ليعلن خلع معاوية كما تم الاتفاق عليه بالأمس ، فصعد المنبر وقال أيها الناس ، ان أبا موسى قد قال ما سمعتم ، وخلع صاحبه ، ألا واني قد خلعت صاحبه كما خلعه ، وأثْبِت صاحبي معاوية ، فانه ولي أمير المؤمنين عثمان والمطالب بدمه ، وأحق الناس بمقامه ، وبعد انتهاء التحكيم وتولي معاويه للخلافه طلب منه عمرو بن العاص ان يجعله واليا علي مصر وبالفعل ولاه معاويه ولايه مصر واعطاه خراجها لمده ست سنوات وظل واليا لها حتي مات بها
*وفاته
توفي في مصر وله من العمر ثلاث وستون سنه ودفن في جبل المقطم وكان ذلك ليلة الفطر سنة ثلاث وأربعين من الهجرة،وقبل وفاته راح يستعرض ما مر به طوال حياته فقال(كنت اول امري كافرا،وكنت اشد الناس علي رسول الله،فلو مت يومئذ لوجبت لي النار،ثم بايعت رسول الله،فما كان في الناس احد احب الي منه،ولا اجل في عيني منه،ولو سُئِلْتُ أن أنْعَتَه ما استطعت،لاني لم اكن اقدر ان املا عيني منه اجلالا له،فلو مت يومئذ لرجوت ان اكون من اهل الجنه،ثم بليت بعد ذلك بالسلطان وباشياء لا ادري اهي لي ام علي
واوصي عمرو بن العاص ابنه عبد الله قائلا
(يا بني اذا مت فاغسلني غسله بالماء،ثم جففني في ثوب،ثم اغسلني الثانيه بماء قراح،ثم جففني في ثوب،ثم اغسلني الثالثه بماء فيه شئ من كافور،ثم جففني في ثوب،ثم اذا البستني الثياب فازر علي فاني مخاصم،ثم اذا حملتني علي السرير فامش بي مشيا بين المشيتين وكن خلف الجنازه،فان مقدمتها للملائكه،وخلفها لبني ادم،فاذا وضعتني في القبر ،فسن عليا التراب سنا-اي اجعله مرتفعا مستطيلا علي وجه الارض_،ثم رفع بصره الي السماء في خشوع وتضرع مناجيا الله قائلا
(اللهم لا برئ فاعتذر،ولا عزيز فانتصر،والا تتركني رحمتك اكن من الهالكين)
،وظل علي تضرعه حتي وافته المنيه وكانت اخر كلماته(لا اله الا الله)
ـ ويذكر التاريخ لعمرو، أنه كان أحد ولاة النبي صلى الله عليه و سلم، وأبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، ومعاوية بن أبي سفيان، وأنه كان إداريًا لامعاً، من ألمع الإداريين المسلمين في أيامه، وحتى اليوم.
ويذكر له، أنه كان عالمًا في الدين الحنيف، محدِّثًا، فقيهًا، مجتهدًا، وكان من أصحاب الفُتيا من الصحابة، وكان قاضيًا متقنًا للقرآن الكريم.
ويُذكر له أنه كان كاتبًا بليغًا في نظمه ونثره، وله رسائل وأقوال مأثورة، وله شعر يدل على شاعريته المتميزة، ورصيده اللغوي الكبير.
ويذكر له، أنه كان خطيبًا مصقعًا، من ألمع خطباء الصحابة والتابعين من بعدهم، ومن أبلغ خطباء العرب في كل العصور.
ويذكر له، أنه من دُهاة العرب المعدودين، وشجعانهم، وكان من أفراد الدهر، دهاءً، وجلادة، وحزمًا، ورأيًا.
ويذكر له، أنه كان حكيمًا من الحكماء، له أقوال كثيرة في الحكمة، تجري مجرى الأمثال السائرة، ولا تزال بالغة الحكمة حتى اليوم، كأنها من أحاديث اليوم لا من أحاديث القرون.
ويذكر له، أنه كان ذا شخصية قوية نافذة، يحب الإمارة، غير مسرف، حليمًا، متواضعًا، منصفًا، معتزًا بكرامته، إداريًا، عادلاً، مؤمنًا لا غبار على إيمانه.
ويذكر له، أنه كان قائدًا عبقريًا، فهو من ذوي الطبع الموهوب، والعلم المكتسب، والتجربة العملية، وكانت صفات القيادة متجسّدة فيه، ويطبّق مبادئ الحرب في عملياته بكفاية واقتدار.
ويذكر له، أنه كان سفيرًا فذّا، استطاع أن يستقطب أهل عُمان، شعبًا ومَلِكًا، ويجعلهم يعتنقون الإسلام، وينتهون عن الشرك.
ويذكر التاريخ له، أنه كان يتحلى بكفايات عالية، أهلته لإحراز النجاح في السلم، والنصر في الحرب، وأبرزته على أقرانه في حياته، وعلى أمثاله بعد رحيله.
ويذكر له، أن هناك إجماعًا على تقدير أعماله مجاهدًا، واختلافًا على تقويم أعماله إنسانًا.
رضي الله عن الصاحبي الجليل، القائد الفاتح، الإداري الحازم، الفقيه المحدث، العالم المجتهد، الشاعر الناثر، الكاتب الخطيب، الحكيم ، السفير اللامع، عمرو بن العاص السَّهْمِيّ القُرَشي.