إننا لا نتفق مطلقاً.. قالت تتحدث عن سبب عداوتها القديمة لشقيقتها التي تصغرها بعام واحد.. أبدًا.. أبدًا.. نحن أختان لا تتفقان؟
في بداية الفكرة نتفق.. ولكن في كيفية تنفيذها نختلف وبشدة.. يتحول المجلس إلى صراخ.. وتبادل للاتهامات!
نتفق على التغيير.. وعندما نتساءل: كيف يكون هذا التغيير؟.. تأتي المشكلة.. لذلك لم أعد أحب التحدث معها، خاصة وأن هذا الاختلاف يزعج والدتي، ويجعلها في بعض الأحيان تبكي؛ لأن الله ابتلاها بابنتين لا تحبان بعضهما مثلنا.
أنا أرى أن مجلس والدتي ينبغي أن يكون فاتح اللون.. هي ترى أنه ينبغي أن يكون غامقاً.. أنا أرى أنه ينبغي علينا شراء ثياب حفل الزفاف جاهزة من السوق.. وهي ترى أنه لا ينبغي علينا شراؤها جاهزة.. وإنما علينا أن نفصلها عند الخياطة.. أنا أرى أن الملح ينبغي أن يوضع عند بداية الطبخة.. هي ترى أنه ينبغي وضع الملح في نهاية الطبخة!
أرى أموراً تستحق العناء.. وهي ترى الاهتمام بها محض غباء.. و تحويل للحَبّة إلى قُبّة.. أنا أرى أموراً تافهة للغاية.. وهي ترى أنها من ضروريات الحياة التي يجب أن تسير بطريقة صحيحة وبعناية فائقة!
عدم الاتفاق.. قدر بيننا
باختصار، ما أراه أنا.. تراه هي غير مناسب.. وحقيقةً.. ما تراه هي.. أراه أيضاً.. غير مناسب.. إننا أشبه ما نكون بطرفين في معركة.. في كل مرة نلتقي عند نقطة.. نختلف عندها اختلافاً يورث شيئاً من الضغينة في أنفسنا.. وكأنه كُتِب علينا ألاّ نتفق أبداً!
لا أتوقع أن صديقتي هنا تختلف عنا كثيراً فيما تعانيه.. ففي حياة كل منا- تقريباً لكي لا أعمم- شخص يُفترض أنك على وئام معه، بينما الحقيقة هي أنكما متنافران غاية التنافر..
أنت طيب.. وهو أيضاً طيب.. أنت تخاف الله.. هو أيضاً يخاف الله.. أنت تحب الخير.. هو أيضاً يحب الخير، ولكن.. لكل منكما رأيه الخاص الذي يرفض التنازل عنه.. ويرى في كل مرة رأياً منه مناقضاً لرأيك.. ذلك في الحقيقة من الأمور التي تبعث على القلق والانزعاج لجميع (المستفيدين)أو(المتضررين)من هذه العلاقة.. الآباء وأبناؤهم المختلفون.. المدير.. والموظفون.. الأبناء.. وآباؤهم.
الزيت والماء
مما قد يضطر الأفراد المتأثرين بهذا الوضع إلى اتخاذ موقف وانتهاج طريقة معينة للتكيّف مع هذا الوضع؛ إما بالحيادية وتفهّم أن هذين الطرفين مثل الزيت والماء لا يتفقان.. فيأخذ من الزيت منافعه.. ويأخذ من الماء منافعه.. دون أن يجبرهما على الاندماج معاً. والبعض الآخر قد ينتهج طريقة أخرى بالانحياز إلى طرف معين؛ فلا يسمع إلاّ رأيه، ولا يطيع إلاّ أوامره، ولا يسند الأعمال إلاّ إليه، وإذا كان هذا المعني هو ابن لوالدين مختلفين، قد لا يخفض جناح الذل إلاّ لأحدهما، ويكنّ العداوة للطرف الآخر، متبنياً مشاعر الطرف الذي يميل إليه.
آها... هل قلت شيئاً ذا بال؟ ربما!! ففي الفقرة السابقة نجد أننا تحدثنا عن طريقتين يتم استخدامهما مع أفراد هذه العلاقة (المتنافرة).. فاختر الطريقة الأولى لكي تستفيد.. وتجنب الطريقة الثانية لكي لا تعميك العواطف عن الحق.
وماذا عنا نحن كأشخاص نرى في هذا الاختلاف جحيماً لا يُطاق؟ فهل نحن مذنبون لأن لنا آراءنا الشخصية؟ ولأننا نمتلك أفكاراً مختلفة عن الآخرين؟ إذا كنا كذلك فهذا يعني أن جميع الإنسانية مذنبة، وأن تعدّد العلوم واختلاف المشارب جريمة، وأن ما نتج عنها من تطوّر تقني وعلمي وأدبي ما هو إلاّ الكارثة التي لم يكن من المفترض أن تحدث.
قد لا أختلف معك وأتمنى ألا يحدث ذلك، وقد أتمنى أن يحدث إذا قلت بأن ما ادّعيناه بكون ذلك كله غلطة كبرى هو ادّعاء غير صحيح، وأن اختلاف الرأي نعمة عظيمة إذا كانت تعطي.. ولا تهدم.
هل أنت خانع؟!
هل يتحتم علينا أن نخضع للرأي الآخر مقابل رضاه؟ ولكي لا تغضب أو تتأثر الأطراف الأخرى؟ وماذا لو كنت من قوة الفكر وتوقد الذهن بحيث إنك لا تستطيع أن ترفض فكرة إبداء رأيك، وأن لك من الشخصية القوية ما يمنعك من أن تكون الطرف الضعيف الخانع في الحوارات؟
عندما تختار هذا الخيار، وأنت تمتلك هذه المميزات، فهذا يعني أنك تضغط على نفسك، وتحاول تقريب قطبي المغناطيس المتماثلين من بعضهما. وبطبيعة الحال، فكلما قربتهما من بعضهما ازداد تنافرهما، وازدادت القوة التي يبذلها كلا المغناطيسين للابتعاد عن بعضهما. ولكنها شقيقتي، ألا ترين أنك تطلبين مني التمسك برأيي فأكون متحجرة التفكير، وأن أتمادى في الشحناء معها؟
عفواً.. أنا لم أقل ذلك.. ولكن.. هذا هو بالضبط ما يحدث.
دعوني أكمل لتعرفوا.. ما الذي أودّ قوله بالضبط.
لننظر إلى شخصيتي الفردين في هذه العلاقة؛ ولننظر هذه المرة من جانب مختلف عما سبق... إنهما تحبان بعضهما البعض، إذا افترقتا اشتاقتا، وإن اقتربتا تخاصمتا، لنتقبل هذه الفكرة؛ فهي ما يحدث بينهما.. ولنرَ على هذا الأساس كيف يمكن لنا أن نحل القضية؟!
واسمحوا لي أن أتحدث مع صديقتي هنا حتى نحل معاً مشكلتها:
- أنت تعرفين سلفاً أن رأيك لن ينال قبولها.. وأنها هي مثلك لن تتقبل رأيك مطلقاً.
- لم تأتِ بجديد.
- رجاء.. لا تجرحيني.. فهذه الطريقة تجعلني أظن أنني غبية أثناء حديثي، فدعيني أكمل.
تبتسم.. تفضلي.
- نعم، بناء على ذلك، وبلا بناء عليه، يمكنك افتراض حسن الظن. وهذا أمر جائز بل ومطلوب، ولا أبالغ إن قلت إنه هو الافتراض الرئيس الذي ينبغي أن تُؤسّس عليه كل علاقة. تماماً كما توجد هناك افتراضات رياضية تعطي نتائج منطقية ومبهرة.
- بدأنا بالفلسفة.
- لا، سأكمل، ألم أقل إنني أشعر بالغباء عندما أتحدث معك؟ المهم فلنفترض من باب حسن الظن أن شقيقتك لا تضمر لك كرها، وإنما قد اعتادت على أن تعطي رأياً مخالفاً لرأيك؛ لأن لها الحق في أن تبدي رأيها؛ تماماً كما لك الحق في ذلك.
- أحياناً هي التي تبدي رأيها أولاً فأعارضه.
- حسناً.. هذا يعني أنك أنت أيضاً لك الحق في أن يكون لك رأيك الذي تبدينه،
وكما أن لك الحق في الإصرار على رأيك؛ فلها الحق في أن تصر على رأيها،
ولكنْ كلاكما ليس مجبراً على تقبل الرأي الآخر، وليس من حقه أن يرفض رأي الطرف الآخر لمجرد أنه لا يوافق رأيه، أو أنه يرى في رأيه الشخصي -وإن لم يكن صواباً- أفضلية على رأي الآخر.
- بدأت أشعر بالدوار.
- لست وحدك..سأكمل.
إنك إذا نظرت إلى هذا الاختلاف من وجهة نظر سليمة النية؛ فذلك كفيل بأن يغير من سلوكك وسلوك شقيقتك في رؤية الأمور والتعامل مع الآراء المتباينة.. فبدلاً من أن تقولي: "هذا رأيي وحدي" وتقول هي: "بل رأيي هو الصحيح؛ فإنكما تقولان: رأيك صحيح، ورأيي صحيح، ويمكن أن نتفق!!
فكرتان لا واحدة!
- قبل أن تنتقلي للنقطة الأخرى.. لماذا تضعين كلمتين في كل سطر ثم تنتقلين إلى سطر آخر؟
- لأنني أرى أن كل كلمة قلتها سلفاً فيها درس ضروري لنا جميعاً، وأنني بالكاد تعلمته يا عزيزتي.. وأرجو عدم مقاطعتي لكي أنهي مقالتي بسلام.
- سأفعل.
- النقطة الأخرى هي..أن عليك ألاّ تنظري إلى هذا الاختلاف على أن كارثة وبلاء، وأنه ما كان يجب أن يكون هناك مثل هذا الاختلاف بينك وبين شخص يفترض أن تكوني معه على اتفاق.. بل اعتبرِي ذلك تنويعاً في الأفكار. وبدلاً من وجود فكرة واحدة؛ هناك فكرتان. قد تُؤخذ إحداهما وقد يتناوب أخذ الفكرتين مرة بعد مرة، وقد ينتج عنهما فكرة ثالثة جديدة تجمع مميزات الفكرتين وتتجنب مساوئهما.
ولا أخفيك أختي كم سيكون مثيراً التحول الذي سيطرأ على علاقتكما معاً. فقد تصبحان صديقتين حميمتين لكما من الآراء النيرة ما يبني ويعطي إنتاجاً بنّاءً وخلاّقاً.
ويمكن للأبوين المختلفين أن يستفيدا من اختلافهما لينوّعا في طريقة تربية أبنائهما تربية رائعة متفهمة.
أتمنى ألاّ تبذلا كل الجهد في الجدال حول اللون المناسب لمجلس الوالدة، ثم تخرجان من مجلسها دون أن تغيّرا فيه شيئاً مطلقاً.
- و هذا هو ما حدث.
- وهذا ما يحدث عادة عند الاختلاف والغضب، فلا نتائج مشر
هناء الحمراني
في بداية الفكرة نتفق.. ولكن في كيفية تنفيذها نختلف وبشدة.. يتحول المجلس إلى صراخ.. وتبادل للاتهامات!
نتفق على التغيير.. وعندما نتساءل: كيف يكون هذا التغيير؟.. تأتي المشكلة.. لذلك لم أعد أحب التحدث معها، خاصة وأن هذا الاختلاف يزعج والدتي، ويجعلها في بعض الأحيان تبكي؛ لأن الله ابتلاها بابنتين لا تحبان بعضهما مثلنا.
أنا أرى أن مجلس والدتي ينبغي أن يكون فاتح اللون.. هي ترى أنه ينبغي أن يكون غامقاً.. أنا أرى أنه ينبغي علينا شراء ثياب حفل الزفاف جاهزة من السوق.. وهي ترى أنه لا ينبغي علينا شراؤها جاهزة.. وإنما علينا أن نفصلها عند الخياطة.. أنا أرى أن الملح ينبغي أن يوضع عند بداية الطبخة.. هي ترى أنه ينبغي وضع الملح في نهاية الطبخة!
أرى أموراً تستحق العناء.. وهي ترى الاهتمام بها محض غباء.. و تحويل للحَبّة إلى قُبّة.. أنا أرى أموراً تافهة للغاية.. وهي ترى أنها من ضروريات الحياة التي يجب أن تسير بطريقة صحيحة وبعناية فائقة!
عدم الاتفاق.. قدر بيننا
باختصار، ما أراه أنا.. تراه هي غير مناسب.. وحقيقةً.. ما تراه هي.. أراه أيضاً.. غير مناسب.. إننا أشبه ما نكون بطرفين في معركة.. في كل مرة نلتقي عند نقطة.. نختلف عندها اختلافاً يورث شيئاً من الضغينة في أنفسنا.. وكأنه كُتِب علينا ألاّ نتفق أبداً!
لا أتوقع أن صديقتي هنا تختلف عنا كثيراً فيما تعانيه.. ففي حياة كل منا- تقريباً لكي لا أعمم- شخص يُفترض أنك على وئام معه، بينما الحقيقة هي أنكما متنافران غاية التنافر..
أنت طيب.. وهو أيضاً طيب.. أنت تخاف الله.. هو أيضاً يخاف الله.. أنت تحب الخير.. هو أيضاً يحب الخير، ولكن.. لكل منكما رأيه الخاص الذي يرفض التنازل عنه.. ويرى في كل مرة رأياً منه مناقضاً لرأيك.. ذلك في الحقيقة من الأمور التي تبعث على القلق والانزعاج لجميع (المستفيدين)أو(المتضررين)من هذه العلاقة.. الآباء وأبناؤهم المختلفون.. المدير.. والموظفون.. الأبناء.. وآباؤهم.
الزيت والماء
مما قد يضطر الأفراد المتأثرين بهذا الوضع إلى اتخاذ موقف وانتهاج طريقة معينة للتكيّف مع هذا الوضع؛ إما بالحيادية وتفهّم أن هذين الطرفين مثل الزيت والماء لا يتفقان.. فيأخذ من الزيت منافعه.. ويأخذ من الماء منافعه.. دون أن يجبرهما على الاندماج معاً. والبعض الآخر قد ينتهج طريقة أخرى بالانحياز إلى طرف معين؛ فلا يسمع إلاّ رأيه، ولا يطيع إلاّ أوامره، ولا يسند الأعمال إلاّ إليه، وإذا كان هذا المعني هو ابن لوالدين مختلفين، قد لا يخفض جناح الذل إلاّ لأحدهما، ويكنّ العداوة للطرف الآخر، متبنياً مشاعر الطرف الذي يميل إليه.
آها... هل قلت شيئاً ذا بال؟ ربما!! ففي الفقرة السابقة نجد أننا تحدثنا عن طريقتين يتم استخدامهما مع أفراد هذه العلاقة (المتنافرة).. فاختر الطريقة الأولى لكي تستفيد.. وتجنب الطريقة الثانية لكي لا تعميك العواطف عن الحق.
وماذا عنا نحن كأشخاص نرى في هذا الاختلاف جحيماً لا يُطاق؟ فهل نحن مذنبون لأن لنا آراءنا الشخصية؟ ولأننا نمتلك أفكاراً مختلفة عن الآخرين؟ إذا كنا كذلك فهذا يعني أن جميع الإنسانية مذنبة، وأن تعدّد العلوم واختلاف المشارب جريمة، وأن ما نتج عنها من تطوّر تقني وعلمي وأدبي ما هو إلاّ الكارثة التي لم يكن من المفترض أن تحدث.
قد لا أختلف معك وأتمنى ألا يحدث ذلك، وقد أتمنى أن يحدث إذا قلت بأن ما ادّعيناه بكون ذلك كله غلطة كبرى هو ادّعاء غير صحيح، وأن اختلاف الرأي نعمة عظيمة إذا كانت تعطي.. ولا تهدم.
هل أنت خانع؟!
هل يتحتم علينا أن نخضع للرأي الآخر مقابل رضاه؟ ولكي لا تغضب أو تتأثر الأطراف الأخرى؟ وماذا لو كنت من قوة الفكر وتوقد الذهن بحيث إنك لا تستطيع أن ترفض فكرة إبداء رأيك، وأن لك من الشخصية القوية ما يمنعك من أن تكون الطرف الضعيف الخانع في الحوارات؟
عندما تختار هذا الخيار، وأنت تمتلك هذه المميزات، فهذا يعني أنك تضغط على نفسك، وتحاول تقريب قطبي المغناطيس المتماثلين من بعضهما. وبطبيعة الحال، فكلما قربتهما من بعضهما ازداد تنافرهما، وازدادت القوة التي يبذلها كلا المغناطيسين للابتعاد عن بعضهما. ولكنها شقيقتي، ألا ترين أنك تطلبين مني التمسك برأيي فأكون متحجرة التفكير، وأن أتمادى في الشحناء معها؟
عفواً.. أنا لم أقل ذلك.. ولكن.. هذا هو بالضبط ما يحدث.
دعوني أكمل لتعرفوا.. ما الذي أودّ قوله بالضبط.
لننظر إلى شخصيتي الفردين في هذه العلاقة؛ ولننظر هذه المرة من جانب مختلف عما سبق... إنهما تحبان بعضهما البعض، إذا افترقتا اشتاقتا، وإن اقتربتا تخاصمتا، لنتقبل هذه الفكرة؛ فهي ما يحدث بينهما.. ولنرَ على هذا الأساس كيف يمكن لنا أن نحل القضية؟!
واسمحوا لي أن أتحدث مع صديقتي هنا حتى نحل معاً مشكلتها:
- أنت تعرفين سلفاً أن رأيك لن ينال قبولها.. وأنها هي مثلك لن تتقبل رأيك مطلقاً.
- لم تأتِ بجديد.
- رجاء.. لا تجرحيني.. فهذه الطريقة تجعلني أظن أنني غبية أثناء حديثي، فدعيني أكمل.
تبتسم.. تفضلي.
- نعم، بناء على ذلك، وبلا بناء عليه، يمكنك افتراض حسن الظن. وهذا أمر جائز بل ومطلوب، ولا أبالغ إن قلت إنه هو الافتراض الرئيس الذي ينبغي أن تُؤسّس عليه كل علاقة. تماماً كما توجد هناك افتراضات رياضية تعطي نتائج منطقية ومبهرة.
- بدأنا بالفلسفة.
- لا، سأكمل، ألم أقل إنني أشعر بالغباء عندما أتحدث معك؟ المهم فلنفترض من باب حسن الظن أن شقيقتك لا تضمر لك كرها، وإنما قد اعتادت على أن تعطي رأياً مخالفاً لرأيك؛ لأن لها الحق في أن تبدي رأيها؛ تماماً كما لك الحق في ذلك.
- أحياناً هي التي تبدي رأيها أولاً فأعارضه.
- حسناً.. هذا يعني أنك أنت أيضاً لك الحق في أن يكون لك رأيك الذي تبدينه،
وكما أن لك الحق في الإصرار على رأيك؛ فلها الحق في أن تصر على رأيها،
ولكنْ كلاكما ليس مجبراً على تقبل الرأي الآخر، وليس من حقه أن يرفض رأي الطرف الآخر لمجرد أنه لا يوافق رأيه، أو أنه يرى في رأيه الشخصي -وإن لم يكن صواباً- أفضلية على رأي الآخر.
- بدأت أشعر بالدوار.
- لست وحدك..سأكمل.
إنك إذا نظرت إلى هذا الاختلاف من وجهة نظر سليمة النية؛ فذلك كفيل بأن يغير من سلوكك وسلوك شقيقتك في رؤية الأمور والتعامل مع الآراء المتباينة.. فبدلاً من أن تقولي: "هذا رأيي وحدي" وتقول هي: "بل رأيي هو الصحيح؛ فإنكما تقولان: رأيك صحيح، ورأيي صحيح، ويمكن أن نتفق!!
فكرتان لا واحدة!
- قبل أن تنتقلي للنقطة الأخرى.. لماذا تضعين كلمتين في كل سطر ثم تنتقلين إلى سطر آخر؟
- لأنني أرى أن كل كلمة قلتها سلفاً فيها درس ضروري لنا جميعاً، وأنني بالكاد تعلمته يا عزيزتي.. وأرجو عدم مقاطعتي لكي أنهي مقالتي بسلام.
- سأفعل.
- النقطة الأخرى هي..أن عليك ألاّ تنظري إلى هذا الاختلاف على أن كارثة وبلاء، وأنه ما كان يجب أن يكون هناك مثل هذا الاختلاف بينك وبين شخص يفترض أن تكوني معه على اتفاق.. بل اعتبرِي ذلك تنويعاً في الأفكار. وبدلاً من وجود فكرة واحدة؛ هناك فكرتان. قد تُؤخذ إحداهما وقد يتناوب أخذ الفكرتين مرة بعد مرة، وقد ينتج عنهما فكرة ثالثة جديدة تجمع مميزات الفكرتين وتتجنب مساوئهما.
ولا أخفيك أختي كم سيكون مثيراً التحول الذي سيطرأ على علاقتكما معاً. فقد تصبحان صديقتين حميمتين لكما من الآراء النيرة ما يبني ويعطي إنتاجاً بنّاءً وخلاّقاً.
ويمكن للأبوين المختلفين أن يستفيدا من اختلافهما لينوّعا في طريقة تربية أبنائهما تربية رائعة متفهمة.
أتمنى ألاّ تبذلا كل الجهد في الجدال حول اللون المناسب لمجلس الوالدة، ثم تخرجان من مجلسها دون أن تغيّرا فيه شيئاً مطلقاً.
- و هذا هو ما حدث.
- وهذا ما يحدث عادة عند الاختلاف والغضب، فلا نتائج مشر
هناء الحمراني